1.
الاجتهاد بالرأي هو أول ما نبَتَ من النظر العقلي عند المسلمين، وقد نما وترعرع في رعاية القرآن وبسببٍ من الدين، ونشأت منه المذاهب الفقهية، وأينع في جنباته علمٌ فلسفي هو علم «أصول الفقه»، ونبت في تربته التصوُّف أيضًا، وذلك من قبل أن تفعل الفلسفة اليونانية فِعلَها في توجيه النظر عند المسلمين إلى البحث فيما وراء الطبيعة والإلهيات على أنحاء خاصة.
والباحثُ في تاريخ الفلسفة الإسلامية يجبُ عليه أولًا أن يدرس الاجتهاد بالرأي منذ نشأته الساذجة إلى أن صار نَسَقًا من أساليب البحث العلمي له أصوله وقواعده.
يجبُ البدء بهذا البحث؛ لأنَّه بداية التفكير الفلسفي عند المسلمين، والترتيبُ الطبيعي يقضي بتقديم السابق على اللاحق، ولأنَّ هذه النَّاحية أقل نواحي التفكير الإسلامي تأثرًا بالعناصر الأجنبية، فهي تمثِّل لنا هذا التفكير مُخلصًا بسيطًا يكاد يكون مسيرًا في طريق النمو بقوته الذاتية وحدها، فيسهُل بعد ذلك أن نتابع أطواره في ثنايا التاريخ، وأن نتقصَّى فعله وانفعاله فيما اتصل به من أفكار الأمم.
أيٌّ مما يأتي تفصيلةٌ جزئية مهمة لا غنى عنها في الموضوع السابق؟