2.
١- هذا الانقلاب العظيم الذي شَمِل بهذه الصورة جميع مناحي الحياة المادية، أشاع في النفوس تيارًا قويًّا من التفاؤل، وهذا التفاؤل وصل عند بعض المفكرين إلى حدِّ الاعتقاد بأنَّ هذا التقدم العلمي الهائل، لا بُدَّ أن يكون مقدمةً لتقدُّم مَعنويٍّ خطير، يضع حدًّا للتعاسة والشقاء على وجه الأرض، وينشر ألوية الوئام والسلام بين الأنام.
٢- غير أن هذه المكانة أخذت تتعالى، وهذه السيطرة أخذت تتفاقم بسرعة كبيرة بعد حلول القرن التاسع عشر؛ إذ أخذت العلوم تتقدَّم بسرعة مُحيِّرة للعقول في ساحتَي النظريات والتطبيقات، وصارت المخترعات تتوالى بسرعة خارقة للعادة، وتتغلغل في جميع نواحي الحياة، وأخَذ كلُّ شيء يتبدَّل ويتقدَّم، كل شيء؛ من الزراعة والصناعة إلى الطب والجراحة، ومن وسائل النقل والمواصلات إلى وسائط التسخين والتنوير والطبخ. كل شيء أخذ يَتطوَّر ويَتحسَّن ويَتقدَّم دون انقطاع.
٣- لذلك أخذت معاهد العلم والتعليم تشغل المكانة الأولى بين جميع المُؤسَّسات الاجتماعية، وصار الناس يُعلِّقون أكبر الآمال على العلوم وعلى ثمرات العلوم.
٤- عندما قامت الضجَّة حول مسألة العلم والأخلاق، كانت العلوم الحديثة لا تزال في فجر نشأتها، إنَّها ما كانت كشفت بعدُ شيئًا كثيرًا عن أسرار الطبيعة، ولا كانت أنتجت شيئًا يستحقُّ الذكر من التطبيقات العملية، ولا كان خرج إلى عالم الوجود شيءٌ من المخترعات الحديثة؛ مثل الماكينات والمحركات، والبواخر والطائرات، وكل ما له اتصال بالكهربائيات. ولهذا السبب، ما كانت العلوم تتمتع بمكانة عالية في النفوس، ولا بسيطرة قوية على الحياة
حدِّد الترتيب المنطقي لفِقرات النص السابق إذا أراد الكاتب عرض موضوعه حسب نموذج «المقدمة-النتيجة».